تشهد المملكة العربية السعودية مرحلة جديدة من الإصلاحات العميقة في سوق العمل، حيث أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حزمة من القرارات النوعية التي تهدف إلى توطين الوظائف في قطاعات متعددة وحيوية.
السعودية توقف تجديد إقامات مئات الاف المقيمين
تأتي هذه الخطوة ضمن إطار رؤية المملكة 2030 التي تركز على تمكين الكفاءات الوطنية وبناء اقتصاد متنوع ومستدام يضع الإنسان في صميم عملية التنمية.
إعادة تشكيل خريطة التوظيف الوطني
تعمل الوزارة بالتنسيق مع عدد من الوزارات والجهات الحكومية الأخرى مثل وزارة الصحة ووزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان على تنفيذ خطة شاملة تتضمن توطين أكثر من 269 مهنة متخصصة، الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو:
- خلق آلاف الوظائف النوعية للشباب والشابات السعوديين.
- تمكين الكوادر الوطنية من المنافسة بفاعلية في سوق العمل المحلي.
- تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني من خلال الاعتماد على القوى البشرية المحلية.
قطاع الصيدلة
بالتعاون مع وزارة الصحة، تم إقرار خطة لتوطين المهن الصيدلانية بشكل تدريجي بدءًا من منتصف عام 2025، وذلك وفق النسب التالية:
- 35% في الصيدليات المجتمعية والمجمعات الطبية.
- 65% في صيدليات المستشفيات والمراكز الصحية.
- 55% في الأنشطة الصيدلانية المتخصصة الأخرى.
هذا التوجه يعكس اهتمام المملكة بتعزيز حضور الكفاءات الوطنية في قطاع حيوي يرتبط مباشرة بصحة المجتمع وجودة الخدمات العلاجية.
قطاع طب الأسنان
وضعت الوزارة خطة متكاملة لتوطين قطاع طب الأسنان، تبدأ بنسبة 45% خلال عام 2025، وترتفع تدريجي إلى 55% في عام 2026. ومن أبرز ما يميز هذه الخطة هو:
- تحديد حد أدنى للأجور بقيمة 9000 ريال سعودي، بما يحفز الكفاءات الوطنية على الاستمرار في هذا المجال.
- تعزيز الاستقرار الوظيفي للأطباء السعوديين.
- ضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع.
قطاع المحاسبة
وضعت الوزارة خطة خمسية تبدأ في أكتوبر 2025 بتوطين 40% من وظائف المحاسبة في المنشآت التي توظف خمسة محاسبين أو أكثر، مع زيادة سنوية متدرجة تصل إلى 70% خلال خمس سنوات.
هذا التدرج يضمن:
- انتقال سلس نحو الاعتماد على الكفاءات الوطنية.
- تطوير قدرات المحاسبين السعوديين بما يواكب المعايير الدولية.
- تحقيق الاستدامة في سوق العمل المالي والمحاسبي.
قطاع الهندسة
اعتبارًا من يوليو 2025، سيتم رفع نسبة التوطين في المهن الهندسية والفنية إلى 30%، هذه الخطوة ستفتح المجال أمام المهندسين السعوديين للمشاركة بفاعلية في مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تشهدها المملكة، بما في ذلك:
- مشاريع المدن الذكية.
- مشاريع الطاقة المتجددة.
- مشاريع النقل والطرق العملاقة.
آليات التنفيذ والرقابة
حرصت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على وضع آليات واضحة تضمن نجاح هذه القرارات، وتشمل:
- أدلة إرشادية شاملة تشرح نسب التوطين وآليات التطبيق.
- متطلبات محددة لأصحاب العمل لضمان الامتثال.
- نظام عقوبات رادع للمخالفين يحفظ حقوق الموظفين ويضمن العدالة في سوق العمل.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية إيجابية
هذه المبادرات ليست مجرد قرارات إدارية، بل تمثل تحول استراتيجي له آثار متعددة الأبعاد، أبرزها:
- خلق فرص عمل نوعية للشباب السعودي المؤهل.
- تحفيز الاستثمار في رأس المال البشري المحلي.
- دعم التنويع الاقتصادي والانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
- تعزيز تنافسية الكفاءات الوطنية في السوق المحلي والإقليمي والعالمي.
مستقبل الكفاءات السعودية
تؤكد هذه الخطوات التزام المملكة برسم ملامح سوق عمل متوازن ومستدام، يكون فيه المواطن السعودي المحرك الأساسي للنمو والتنمية، ومن المتوقع أن تسهم هذه السياسات في:
- بناء جيل من الكفاءات الوطنية القادرة على الإبداع والابتكار.
- تعزيز موقع المملكة كوجهة جاذبة للاستثمار والمواهب.
- دفع عجلة التحول الوطني بما يتسق مع تطلعات رؤية 2030 لمجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.