أعلنت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية عن خطوة لافتة تعكس اهتمامها بالجانب الإنساني والاجتماعي للمنظومة التعليمية، وذلك من خلال اعتماد قرار جديد يتيح للمعلمين والمعلمات والموظفين الإداريين مرافقة أطفالهم في المراحل الأولية ورياض الأطفال خلال الأسبوع الدراسي الأول من العام الجديد.
السعودية تخفض ساعات الدوام لهذه الفئات من الموظفين لينتهي عند الساعة 11 صباحاً
ويهدف هذا القرار إلى تخفيف الضغوط النفسية عن الأسر والطلاب على حد سواء، عبر توفير آلية واضحة للاستئذان الجزئي من ساعات العمل اليومية.
تفاصيل القرار وآلية تطبيقه
حددت الوزارة ضوابط دقيقة لتنفيذ القرار بما يضمن التوازن بين حاجة الأسر وضرورة استمرار سير العملية التعليمية دون خلل، وجاء أبرز ما تضمنته الآلية على النحو التالي:
- عدد الساعات المسموح بها: يحق للموظف أو الموظفة الاستئذان لمدة أربع ساعات يوميا، ولمدة ثلاثة أيام فقط خلال الأسبوع الدراسي الأول.
- آلية الموافقة: يشترط على ولي الأمر التنسيق المسبق مع المدير المباشر للحصول على الإذن الرسمي قبل مرافقة الطفل.
- إثبات التسجيل: يلزم الموظف بتقديم ما يثبت تسجيل الطفل في مرحلة التمهيدي أو الصفوف الأولية عبر نظام “حضوري” المعتمد من وزارة التعليم.
- الالتزام بالوقت: حددت الوزارة آخر موعد لتسجيل الدخول بعد الاستئذان وهو الساعة الحادية عشرة صباحا، لضمان انتظام العمل وعدم تعطيل سير الدوام المدرسي أو الإداري.
دوافع القرار وتوقيته
اختارت الوزارة هذا التوقيت تحديدا نظرا لحساسية الأسبوع الأول من العام الدراسي، حيث يواجه الأطفال في هذه المرحلة مجموعة من التحديات النفسية والسلوكية، من أبرزها:
- القلق والخوف من الانفصال عن الوالدين، خاصة في مرحلة رياض الأطفال والصفوف الأولية.
- التردد في الاندماج مع زملاء جدد ومعلمين غير مألوفين.
- البكاء أو الرفض المتكرر للحضور، وهو أمر يتكرر في الأيام الأولى ويخف تدريجيا مع الاعتياد.
وجود الأب أو الأم إلى جانب الطفل خلال هذه الفترة يسهم في بناء شعور بالأمان، ويجعل تجربة الالتحاق بالمدرسة أكثر سلاسة، كما يخفف من حالات الغياب المبكر أو الرفض التي ترصدها المدارس في مطلع كل عام دراسي.
أثر القرار على الموظفين والعملية التعليمية
لا يقتصر أثر القرار على دعم الأطفال فحسب، بل يشمل الموظفين أيضاً من خلال:
- تقليل الضغوط النفسية: إذ لم يعد الموظف مضطراً للاختيار بين الالتزام بالعمل أو مرافقة طفله.
- تعزيز الثقة المؤسسية: هذا النوع من الدعم يعكس اهتمام وزارة التعليم بموظفيها، مما يرفع من مستوى الرضا الوظيفي ويعزز الانتماء للمؤسسة.
- الحفاظ على سير العمل: بفضل تحديد ساعات وأيام الاستئذان بوضوح، وضمان وجود تنسيق مسبق، فإن العملية التعليمية والإدارية لا تتعرض للفوضى أو العشوائية.
البعد الإنساني والاجتماعي للقرار
من أبرز ما يميز هذه الخطوة أنها تتجاوز الجانب الإداري الصرف، لتعكس اهتمام الوزارة بالجانب الإنساني للأسرة.
فالطفل الذي يجد أحد والديه بجانبه في أيامه الأولى يكون أكثر استعداد للتعلم والتفاعل، والأسرة التي ترى من مؤسستها التعليمية تعاون وتفهم تشعر بالثقة في السياسات الحكومية، مما يرسخ صورة إيجابية عن الوزارة والدولة بشكل عام.
دلالة القرار على رؤية مستقبلية
هذا القرار يعكس رؤية شمولية نحو التعليم في المملكة، حيث لم يعد التعليم محصور في القاعات الدراسية والمناهج، بل أصبح يشمل بيئة داعمة تراعي احتياجات الطلاب والأسر والموظفين.
وهو انسجام واضح مع توجهات الدولة في تعزيز جودة الحياة، وربط العملية التعليمية بالبعد الإنساني والاجتماعي.
قرار وزارة التعليم يبرهن أن نجاح العملية التعليمية لا يقوم فقط على المناهج والمعلمين، بل يبدأ من دعم الأسرة في أصعب مراحلها، ومن خلال هذه الخطوة، تؤكد الوزارة أن التعليم هو مشروع وطني متكامل، يعزز من قيم التلاحم، ويراعي مشاعر الأطفال، ويدعم الموظفين في مسؤولياتهم الأسرية، ليكون العام الدراسي بداية آمنة ومطمئنة للجميع.